ضربه جديده لمناخ الاستثمار فى مصر!
الخميس 12 نوفمبر 2015 -02:10
تلقيت العديد من الاتصالات والتساؤلات حول اصداء قرار الدول الغربيه على النشاط السياحى فى مصر ومدى تأثيرها على مجتمع المال والاعمال والاستثمار بشكل عام, ولم اكن الحق بالاجابه حتى فوجئت بخبر اعلان التحفظ على اموال رجل الاعمال صلاح دياب والعديد من الاسماء الاخرى المعروفه, وماهى الا ساعات وتم اعلان خبر القبض عليه هو ونجله وتصويره "بالكلابشات" امام منزله فجرا بتهمة حيازة سلاح بدون ترخيص!, ثم تأتى الضربه الاقوى, وهى اصدار شهادات جديده من قبل اكبر بنكين فى مصر بقيمة 12,5% بارتفاع مفاجىء 2,5% عن اسعار الفائده على الشهادات المماثله مع صرف عائد شهرى بدلاً من ربع سنوى!!, ولمن لا يعلم, فرفع اسعار الفائدة بشكل مفاجىء وبهذا المعدل الكبير انما يعنى سياسه انكماشيه واضحه ينتهجها البنك المركزى, الغرض الاساسى والمعلن, لمجابهة ارتفاع معدلات التضخم, ودعم قيمة العمله المحليه, والغرض الاخر "الغير معلن", محاربة الدولره فى ظل النقص الكبير فى العملات الاجنبيه سواء خلال الفتره الحاليه او الفتره القادمه بعد ان تم ضرب الموسم السياحى فى مقتل والتراجع المتوقع فى ايراد الدوله من العملات الاجنبيه.
 
على كل حال, الازمات الخارجه عن الاراده, كازمة السياحه يمكن تفهمها, ولكن الازمات التى نصنعها بايدينا هى التى يصعب تفهمها!, كرفع الفائده بهذا المعدل المفاجىء!, وبطبيعة الحال قد يقول قائل, انها سياسات مؤقته ويتحتم على المركزى اتخاذها نظرا للظروف الراهنه, ونحن بدورنا نؤكد على ادراكنا الكامل لهذا الامر, ولكن, اتخاذ سياسة انكماشيه خلال الفتره الحاليه, وفى ظل ركود حاد يضرب كافة القطاعات, من شأنه رفع معدلات البطاله وتراجع معدلات التشغيل بشكل غير مسبوق لاسيما فى القطاع الخاص المحمل اصلا بالاعباء الضريبيه والتضييقات الحكوميه.
 
 ولتوضيح ارتباط اسعار الفائده بمناخ الاستثمار, فالمسأله ببساطه تنحصر فى ان الشركات والمصانع وكافة الانشطه الاستثماريه العامله بالدوله, تعتمد بشكل رئيسى على الائتمان, سواء فى شراء المواد الخام او حتى فى بيع منتجاتها, فلا يوجد نشاط استثمارى لا يتعامل بالائتمان, ولذا ارتفاع سعر الفائده من شأنه رفع تكلفة التمويل, الامر الذى يترتب عليه تراجع فى ربحية الشركات, بل وقد تتحول بعضها للخسائر, مما قد يضطرها للانكماش, سواء عن طريق تسريح عماله, اواتخاذ اجراءات تقشفيه, ولذلك تحرص البنوك المركزيه على مستوى العالم فى الحفاظ على معدل فائده منخفض لدعم النشاط الاستثمارى, كما تحرص كذلك على ان يكون معدل التغير تدريجى بشكل يمكن لمناخ الاستثمار استيعابه دون احداث هزات عنيفه, لأن الازمه ليست فى سعر الفائده ذاته, وانما فى معدل التغير, كما هو الحال فى الرفع الاخير ب 2,5% دفعه واحده!, ولنا فيما حدث للبورصه اكبر دليل, فقد فقدت ما يقارب على ال 29 مليار جنيه فى ثلاث جلسات فقط فى اعقاب تلك الازمات ومرشحه لخسائر أكبر, فكل من هو ملم بالشأن الاقتصادى يعلم تماما ان هذا التغير الكبير والمفاجىء فى أسعار الفائده انما يعد ضربه قاصمه لمناخ الاستثمار, وكذا اعلان عن ازمه اقتصاديه حقيقيه تهدد سعر العمله المحليه, حتى وان اظهرت الدوله عكس ذلك عن طريق رفع قيمة الجنيه "بشكل مؤقت" لاحداث حاله من الارتباك فى سوق الصرف بغرض ايهام حائزى الدولار على بداية تراجعه.
 
اما الازمه الاخرى فتأتى قضية رجل الاعمال صلاح دياب فى المرتبه الثانيه من حيث الاثر الاقتصادى الهام, لاسيما وان ظروف القبض على الرجل شابهها الكثير من الغموض, ففى الوقت الذى اعلنت فيه الدوله عن اعادة فتح ملف قضية "نيو جيزه" والمسكوت عنه منذ 2011 والتحفظ على اموال رجل الاعمال و17 اخرين!, تفاجأ الجميع بان التهمه الموجهه له بعد القبض عليه فجرا فى غرفة نومه!, هى مجرد حيازة سلاح بدون ترخيص!!, اى ان التهمه ليست فى قضية فساد كما حاول البعض ان يظهرها لتهدئة الرأى العام!!, ولكن, هل يعد اقتحام المنازل فجرا والقبض على المواطنيين وتصويرهم "بالكلبشات" هو الاجراء المتبع فى قضايا احراز سلاح بدون ترخيص!؟, بالتأكيد الاجابه بالنفى!, اذن ما هو الدافع خلف المشهد المؤسف الذى تابعه الجميع؟, سيما وقد أعطى رسائل غايه فى السلبيه عن المناخ السياسى والامنى فى مصر كون الرجل يعد مؤسس جريدة المصرى اليوم, ناهيك عن الرسائل الاقتصاديه السلبيه, فالرئيس يجوب البلاد شرقا وغربا, للبحث عن جذب الاستثمارات, والتأكيد على جاذبية المناخ الاقتصادى بمصر, وفى لحظة واحده, يتم هدم كل هذا بتلك الصور التى تناقلتها كل وسائل الاعلام سواء المحليه او العالميه!
 
والحقيقه ان هذا الاجراء ان كان بسبب قضايا فساد, لكان من الممكن تقبل الامر باعتبار ان مصر تحاول اعادة ترتيب الاوراق, بل وكان من الممكن ان تكون الرسائل اكثر ايجابيه!, لكن ان تكون التهمه مجرد سلاح بدون ترخيص بعد التحفظ على امواله فى قضيه مدنيه بيوم واحد!!؟ , فهذا ان دل على شىء فانما يدل على غياب الحس السياسى لدى متخذى مثل هذه القرارات.!
 
اخيرا, ما يمكن استخلاصه من كل المشهد الحالى, ان هناك عشوائيه شديده, وغياب كامل للتنسيق بين جهات الدوله المعنيه, فعلى ما يبدو ان بعض تلك الجهات لا تتفهم خطورة الوضع الاقتصادى الحالى, كما لا يمكن اعتبار ان السياسات النقديه التى بدأ المركزى اتخاذها فى ظل قيادته الجديده على انها بدايه للحل, لأنه وكما سبق واشرنا فى مقالات سابقه, ان المركزى وحده بدون الحكومه لن يقدر بأى حال من الاحوال على احداث اى تغيير, فلازلنا فى حاجه لاجراءات اصلاحيه ثوريه حقيقيه, بالاضافه الى ضرورة الاعتماد على المحترفين بعد ان اثبت الهواه فشلا ذريعا, فهل من يسمع!!؟, اللهم انا بلغنا, اللهم فاشهد.
 

تعليقات القراء

أضف تعليق
الأسم
البريد الألكنرونى
التعليق

تعليقات الفيس بوك

أحدث الاخبـــار

الأكثر قراءة

جميع الحقوق محفوظة لموقع الرأى الإقتصادى 2015